الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة فلم « 24 لقطة » لعباس كيارستامي: روعة من روائع الفن السابع ولحظة استثنائية في مهرجان كان

نشر في  24 ماي 2017  (22:23)

بقلم الناقد طاهر الشيخاوي- مراسلنا من مهرجان كان

شكل شريط الإيراني عباس كيارستامي « 24 لقطة » واحدا من استثناءات الدورة 70 لمهرجان كان. مات كيارستامي وترك عملا في درجة عالية من الرقي الفني يتجاوز بكثير رتابة الدورة. تمّ العرض في أكبر قاعة للمهرجان المسرح لوميار الكبير في قسم خارج المسابقة بحضور إبنه أحمد كيارستامي الذي تكلف بانتاج العمل.

لم نجد في صناديق الوثائق الدعائية المخصصة للصحافيين ما يقدم للعمل فبقي السرّ قائما حتى ساعة العرض. هي 24 لقطة فعلا كل واحدة تدوم 5 دقائق، 24 لقطة ثابتة، كل واحدة مستقلة بذاتها ولكن ما يربط بينها له علاقة بماهية الصورة في ذاتها.

24 هو طبعا عدد الصور في الثانية بالنسبة للسينما ولكن طوال الساعتين نعبرُ أربع قرون من الصور.

اللقطة الأولى لوحة مشهورة للرسّام بروغيل « صيادون في الثلج » أنجزها الفنان الفلمنكي سنة 1565. من هنا يبدأ الفلم أي من لحظة الحداثة في الصورة وينتهي بلقطة في شقّة نشاهد من خلال شباكها أشجارا تداعبها الرياح وأمام الشباك طاولة فوقها جهاز كمبيوتر نشاهد من خلال شاشته الصغيرة آخر لقطة في فلم ينتهي بقبلة على شاكلة الأفلام الكلاسيكية الأمريكية، وأمام الكمبيوتر شاب أو شابة يبدو نائما، ولكن لا تحول واضح بين اللقطة والأخرى إلا في الجزئيات.

كل المشاهد طبيعية إما  شاطئية وإما ثلجية لا تسكنها إلا بعض الحيوانات أغلبها طيور. لا تتحرك الا نادرا حسب مخطط دقيق يبدو اعتباطيا ولكنه مدروس دراسة لا يمكن الإقرار بطبيعتها، هل هي إنسانية من فعل البشر ( كالسيناريست كيارستامي) أو هي من باب الصدفة السعيدة.

وفي كلتا الحالتين كان كيارستامي هو صاحب قرار الإلتقاط. تلك هي السينما : إما حركة مدروسة تبدو كأنها صدفة أو صدفة تبدو كأنها مدروسة.

24 لقطة تدوم الواحدة 5 دقائق ومجموعها ساعتين وتغطي أربع قرون في تاريخ الصورة الحديث. روعة حقا من روائع الفن السابع ولحظة استثنائية في المهرجان.